مصباح فلسطين للابتزاز و دغدغة المشاعر
بقلم : بوشعيب حمراوي
يبدو أن حزب العدالة والتنمية يسيرعلى خطى النظام الجزائري في الادعاء بنصرة القضية الفلسطينية. ومحاولة الركوب السياسي والعاطفي على موضوع حسم في عهد رئاسته للحكومة. متمنيا دغدغة مشاعر المغاربة. واستجداء عطف بعض الأنظمة التي تعلن و تشهر عداءها لدولة إسرائيل أو (الكيان الإسرائيلي) كما يحب البعض تسميتها بعيدا عن الواقع الحتمي المعاش. وتبطن هيامها وعشقها وانبطاحها لنظامه. نذكر منها النظام التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم. والذي انكشف أخيرا بطريقة الاستقبال الملكية الراقية التي استقبل بها الرئيس التركي وعقيلته، رئيس إسرائيل وزوجته. واتضح أن النظامين التركي والاسرائيلي يختزنان ودا وهياما لا نظير له. وأن تلك الخرجات والتهجمات التركية التي تصدر عن الرئيس أو أحد أعضاء حكومته، ليست سوى مياه باردة تصبها لتهدئة الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وهو ما يسلكه النظام الجزئري كذلك في تعامله مع إسرائيل في العلن والخفاء.
على حزب المصباح أن يدرك أولا أنه آخر حزب يمكنه إحداث أدنى جدل حول تطبيع المغرب مع إسرائيل، لأن التطبيع تم في فترة رئاسته للحكومة. وبتوقيع وترحاب من أمينه العام حينها الطبيب النفساني سعد الدين العثماني.
وعليه ثانيا ألا يلعب دور الجاهل بأمور التدبير السياسي في المغرب المقنن بالدستور. والذي يؤكد بأن السياسة الخارجية للمغرب هي من اختصاص الملك، الذي يدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية. كما أشار لذلك بلاغ الديوان الملكي ردا على هرطقة بنكيران وأتباعه الأخيرة.
فماذا يريد هؤلاء من وراء انتقاد التطبيع الذي أشرفوا على توقيعه ؟. ومن وراء ربط ذلك بما يجري ويدور حاليا فوق التراب الفلسطيني ؟ .. هل ينتظرون من المغرب تسليح الفلسطينيين وتعزيز دفاعاتهم بترسانة جيش مغربية. وكم طن من الأسلحة وكم فيلق عسكري ساهمت به تركيا والجزائر وكل الأنظمة دفاعا عن فلسطين ؟. اللهم شعارات (الشفوي الله يدوي). وهل هناك دولة في العالم تجرأت على عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة كاملة البنية. وهل هناك أية جهة تتحدث عن جلاء الإسرائليين. وعودة فلسطين كلها للشعب الفلسطيني ؟. وهل هناك دولة أو نظام ما يدعي حصول الفلسطينيين على أراضي ومكاسب أكثر مما يطالب به المغرب والمجسدة في (حل الدولتين) ؟. طبعا لا ..وطبعا فكل هذه الأمور وغيرها يعلمها حزب العدالة والتنمية. ومع ذلك يحب الركوب على الملفات السياسية من أجل استقطاب المغاربة. ومحو عار تدبير الأمس العشوائي للحكومة. حزب يدرك أن موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، ويدرك أن ملك البلاد رئيس لجنة القدس التي قدمت وتقدم أعمال جليلة للفلسطينيين في اجتماعيا وثقافيا وتعليميا. ومع ذلك فهو يعود من جديد لسلك أساليب التضييق والابتزاز السياسي أملا في عودة بريقه الذي أفل.
لنساءل أمين عام حزب المصباح، عن مدى حبه للفلسطينيين والمغاربة قبلهم. ومدى استعداده للتضحية من أجل إنصافهم. ونذكره بأنه قبل هدية شهري قيمتها سبعة ملايين سنتيم. عندما أعلن عن انسحابه من الحياة السياسية. ولم يخجل حينها من الظهور المتقطع في خرجات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل استعراض عضلاته في ملفات ومواضيع ساخنة. قبل أن يشده الحنين للقهقهة من جديد ويقرر العودة للساحة السياسية من واجهة المنقذ. علما أنه من كان قد أغرقها بعجزه تشكيل الحكومة وانسحابه.
لنساءل الفصائل الفلسطينية المتناحرة فيما بينها. والتي تتخذ كل واحدة منها (نظام دولة) ذرعا لها. حتى أصبحت مجرد هيئات ثملت تلك أنظمة تلك الدول، أكثر من تمثيلها للفلسطينيين. الحديث هنا عن (المقاومة الإسلامية حماس، فتح ، حركة الجهاد الإسلامي، منظمة التحرير الفلسطينية). بل إن تلك الأنظمة التي أصبحت متحكمة بقراراتها داخل فلسطين تعيش صراعات حروبا ساخنة أو بادرة بينها. ولا يمكن أن تساهم بجدية في توحيد والتحام رؤى الفلسطينيين، وضمان قوتهم.
ويأتي نظام الجزائر الذي لم يوفق حتى في إنصاف الجزائريين، ليعلن عن مبادرة توحيد الفصائل الفلسطينية. هو يعرف أنها لن تنجح. لكنه يحب الركوب عليها سياسيا، والتسويق لها من باب أن الجزائر تدعم النضال الفلسطيني.
فلما لا يحظى الشعب الفلسطيني بنفس الدعم الذي تحظى به عصابة البوليساريو؟. لما لا تضع الجزائر أرضا من أراضيها الشاسعة رهن إشارة الفلسطينيين من أجل تدريبهم على الحرب. وتسليحهم. ولما لا تبادر الجزائر التي يدعي نظامها أنه يكره إسرائيل إلى تسليح الفلسطينيين داخل فلسطين والتضييق على الاقتصاد الإسرائيلي بدل من التعامل معه سريا ؟. كما أن الحديث عن هذه الفصائل الفلسطينية التي تمثل مصالحها الشخصية، ولا تمثل الشعب الفلسطيني. يجرنا للتساؤل لماذا لا تعترف بمغربية الصحراء. بل حتى رئيس فلسطين وكل أعضاء حكومته لا يعترفون بمغربية الصحراء ؟. بل منهم من جالس الرخيص رئيس الوهم (البوليساريو)، وتسامر معه بالجزائر.
ننتظر من حزب العدالة والتنمية الذي لم يشكل حزبه مرصدا وطنيا للدفاع عن وحدة المغرب الترابية، ولم ينظم قافلة دولية للتعريف بحقوق المغرب. ولم يتحدث بجرأة وقرحة عن سبتة ومليلية و21 جزيرة مغربية محتلة من طرف اسبانيا. ولم يذكر النظام الجزائري باستمرار احتلاله للصحراء الشرقية (تندوف وبشار و..). ننتظر من حزب يعتبره نفسه مسلما أكثر من المسلمين وشريفا أكثر من الشرفاء، أن يقوم بتنقية وتطهير داخله. حتى لا يعود الظهر بنفس الوجوه التي أحبطت الشعب فترة استوزارها وقيادتها للحكومة. وننتظر منه يخوض معركة نظيفة بعيدا عن الركوب السياسي والعاطفي والمشاعري. وأن يلتزم بحسن تدبير الشأن المحلي والجهوي والوطني. ويترك التدبير الدولي لذوي الاختصاص.
وحتى لا ينسى حزب المصباح. أن المغرب متعدد الأعراق والأديان. وأن هناك العرب والأمازيغ واليهود.. وكلهم مغاربة يخضعون لنفس الدستور. ومسألة التطبيع بالنسبة للمغرب، ليست مولودا جديدا. لأن الآلاف المغاربة اليهود يعيشون بالمغرب وإسرائيل ولا يمكن إقصاؤم. ربما لو اجتهد ذرع الحزب الإسلامي (حركة التوحيد والإصلاح). وحاول الدفع نحو جعلهم يعلنون إسلامهم. لكنا ضربنا عصفورين بحجر واحد. أنصفنا الفلسطينيين وتخلصنا من الصهاينة.
- كل ما ينشر في هذا الركن لا يعبر إلا على رأي كاتب المقال..